مازالت المحرمات الثقافية والاجتماعية والدينية والقانونية أيضاً محيطة بقضايا الجنس والسلوكيات الجنسية في مجتمعاتنا، ومجرد إلقاء الضوء على بعض قضايا النوع الاجتماعي ليس من المحرمات فحسب، بل أكثر من ذلك إنه محظور، فقضايا زواج المثليين وثنائي وثنائيات الجنس هو أحد المحظورات والمحرمات في العالمين العربي والإسلامي.
إن الأصل في الزواج هو آلية السيطرة على العلاقات بين الذكور والإناث، ومع أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، بدأت حركات اجتماعية أوربية بالظهور لتمديد فكرة الزواج إلى ارتباط شخصين قانونياً ومن نفس الجنس، مع أن هذه الارتباطات قد لا يكون معترف بها دينياً. ومن هذه الدول (هولندا، فرنسا، السويد).
لكن هذا الطرح مرفوض نهائياً في عالمنا العربي، فالأصل في مؤسسة الزواج أنها دينية وليست مدنية أو قانونية حتى..
أما بالنسبة لنظرة القانون السوري عن وضع المثليين، فإن تجريم المثلية الجنسية جاء واضحاً وفقاً للمادة 520 في قانون العقوبات السوري، التي نصت على ما يلي: (كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى ثلاث سنوات) فلا يوجد في الدستور السوري أي ذكر أو نص للمثلية الجنسية، بل جاء قانون العقوبات السوري حصراً بعبارة (مجامعة خلاف الطبيعة)، وليس هنالك أي مانع قانوني لارتداء زي أو ملابس الجنس الآخر، وإنما اقتصر قانون العقوبات السوري على تجريم حالة ارتداء الرجل زياً نسائياً بقصد دخول الأماكن المخصصة للنساء، وذلك ما جاء في المادة (507) على الشكل الآتي: (كل رجل تنكّر بزي المرأة فدخل مكاناً خاصاً بالنساء أو محظوراً دخوله وقت الفعل لغير النساء عوقب بالحبس لأكثر من سنة ونصف) وهنا نرى النقيض تماما، ليس هنالك أي نص قانوني يمنع المرأة من ارتداء ملابس الرجل، وأيضاً إذا بحثنا في مواد الدستور السوري، أو المواد القانونية السورية الأخرى لا نجد أي مادة تنظم عملية تغيير الجنس في القيود الرسمية لدى الراغبين أو الراغبات بالتحول الجنسي. والنشاط الحقوقي: الوحيد في سورية فقط مجلة إلكترونية تدعى (موالح) وذلك في سنة .2012.
لكن لماذا لا يحق للمثليين المطالبة بحقوقهم لدى مجتمعنا السوري؟ وهل يحق للمثليين التجمع والتظاهر للمطالبة بحقوقهم أو حتى التعبير عن أنفسهم في ظل الدستور والقانون الحاليين؟
لقد نص الدستور السوري في مادته رقم 44 على التالي:
(للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور وينظم القانون ممارسة هذه الحقوق)وفي 21 نيسان 2011 أصدر السيد الرئيس المرسوم التشريعي رقم 54 المنظم لقانون التظاهر السلمي، ثم اصدرت وزارة الداخلية السورية التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي المتعلق بتنظيم حق التظاهر السلمي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها الدستور السوري,أما فيما يخص التجمعات والمظاهرات التي تدعم المثلية الجنسية فهي ممنوعة لعدة أسباب، أبرزها أن المثلية الجنسية ممنوعة حسب ما ورد في قانون العقوبات السوري، بالإضافة إلى أن أعلى تشريع في الدولة السورية وهو الدستور اعتبر أن الفقه الاسلامي والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والأساسي في التشريع السوري، مهملاً بذلك مصادر القانون الأخرى من عرف ومبادئ القانون الطبيعي والعدالة.
إن تفعيل التعاون في الأمور الفكرية والروحية بين المثليين والمساعدة على حل مشاكلهم، إذا أمكن، والعمل على تعديل الأفكار الخاطئة الموجودة لدى الكثيرين عنهم، هو أمر واجب وحتمي على المجتمع كاملاً مابين النصوص القانونية والجمعيات الأهلية ومؤسسات الدولة لما فيه من بدء ظهور مثلي الجنس في سورية تدريجياً دون خوف أو حرج، وربما كان مرد ذلك هو وصول الكثيرين من مثليي الجنس في العالم إلى حقوقهم ولا سيما في الدول الغربية مع وجود محاولات خجولة في بعض الدول العربية. فمهما كانت الدوافع والغايات والمبررات التي يعتمدها هؤلاء لتبرئتهم من فعل المثلية، أو لجعل نهجهم مقبولاً من خلال قولهم بأنهم غير منحرفين وغير شاذين، فهم أفراد من المجتمع يجب تقبلهم. مهما كانت المسميات فإن أي فعل منافٍ للطبيعة والفطرة وللممارسة السوية ليس بالضرورة أن يعتبر (شذوذ) كما يراه القسم الأكبر من المجتمع، وليس بالضرورة أن يكون كما يراه البعض الآخر خياراً طبيعياً يدخل ضمن نطاق الحرية الجنسية. ولربما اذا عاد المجتمع قليلاً للماضي لتذكر أنه كان هنالك استجناس حيث أشار المصريون القدماء إلى وقوعها بين الآلهة وأشباه الآلهة وعامة الناس، وأشار الإغريقيون في أساطيرهم إلى وجود علاقة جنسية مثلية عند الآلهة، كالعلاقة بين الإله (زيوس) والشاب (جانيميد)..
Leave A Comment