يستند النظام القانوني في سوريا إلى قوانين بالية وقديمة تعود إلى الانتداب والاحتلال سواء أكانت فرنسية أو عثمانية وحتى دينية ترجع إلى الشريعة الإسلامية وغيرها، أما الأسرة السورية وكل مواطن سوري محكوم قانوناً بالدين والعادات والتقاليد إن كان الأمر يتعلق بزواج أو طلاق أو إرث وحتى حضانة .
كل ذلك تحت إطار قانون الأحوال الشخصية برقم (59) لعام 1935 ، وتعديلاته الخجولة برقم (4) لعام 2019 الذي منح للمرأة بعض المكاسب الصغيرة والوهمية، حقيقةً إن جميع قوانين الأحوال الشخصية خاليةً من أي نص صريح واضح يذكر المساواة في الحقوق والواجبات بين النساء والرجال معاً مخالفاً بذلك النص الدستوري في مادته الثالثة والثلاثين التي تنص على أنه “يتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات دون تمييز بينهم بسبب الجنس”
قوانين الأحوال الشخصية للطوائف الدينية من غير المسلمين:
تنص المادة 306 من قانون الأحوال الشخصية في سوريا : (تطبق أحكام هذا القانون على جميع السوريين سوى ما نستثنيه في المادتان التاليتان):
1- المادة (307): لا يعتبر بالنسبة للطائفة الدرزية ما يخالف الأحكام التالية:
أهم هذه الأحكام :
1-أن لا يقع الطلاق إلا بحكم القاضي وبتقرير منه.
2- لا يجوز عودة المطلقة الى عصمة مطلقها .
3-تنفذ الوصية للوارث وغيره بالثلث وبأكثرمن الثلث.
4-لا يجوز تعدد الزوجات .
5- لا تسري أحكام اللعان والرضاع على أفراد الطائفة.
2- المادة( 308) : تطبق بالنسبة الى الطوائف المسيحية واليهودية ما لدى كل طائفة من أحكام تشريعية دينية تتعلق بالخطبة وشروط الزواج وعقده والمتابعة والنفقة الزوجية ونفقة الصغير وبطلان الزواج وحله وانفكاك رباطه و الحضانة.
وبعد صدور المرسوم رقم 76 لعام 2010 القاضي بتعديل المادة 308 من قانون الأحوال الشخصية، أصبحت المحاكم الروحية للطائفة المسيحية: ذات اختصاص في مسائل الإرث والوصية اللتان كانتا من اختصاص المحاكم الشرعية.
و تبعاً لذلك حصلت المرأة السورية التي تنتمي إلى الطائفة المسيحية على المساواة مع الرجل في ما يتعلق بالإرث وأصبح لها سلطة متساوية على الأولاد في الوصاية والنفقة والولاية.
أما قانون الأحوال الشخصية للمسلمين عثماني العهد وباق ويتمدد:
على الرغم من بعض الجوانب الإيجابية، وتعديلات تجميلية إلا أن القانون لا زال لا يُقرُّ بحقوق متساوية للمرأة، لقد جاء المرسوم رقم(4) لعام 2019 بعد ستة عقود ب( 70) مادة معدلة في جلسة واحدة لمجلس الشعب وأبرز تعديلاته كان سن الزواج الذي وصل وأخيراً إلى سن الثامنة عشر للطرفين ،إلا أن التناقضات مترابطة مع بعضها البعض فكيف تنص المادة (16) من القانون على رفع سن الزواج بالنسبة للذكور والإناث بينما تعطي المادة (18) من نفس القانون الحق للقاضي بتزويج المراهقين عند بلوغهم خمسة عشر عاماً؟ في حال رأى القاضي أنهم مؤهلون للزواج دون أية ضوابط محددة لهذه الأهلية؟.
إيجابياً :
أجاز القانون النفقة على الزوجة برغم اختلاف الدين ، بعدما كانت الزوجة المسيحية لانفقة لها، وفي المادة (257) تساوت الوصية الوراثية بين أولاد الابن وألاد البنت أيضاً والمادة (54) أعطت دعماً للمهر لحظة استيفائه.
ولكن خيبة الأمل لا زالت ضمن بعض المواد كالطلاق التعسفي حيث أنه سابقاً كان يحق للرجل تطليق زوجته بإرادة منفردة وفقاً للمادة (117) وهنا يكمن جوهر التمييز ضد المرأة ويكون القانون الجديد معدلاً فقط حقها بطلب تعويض للطلاق التعسفي دون شروط مع احتفاظ الرجل بحقه في الطلاق المنفرد.
وهنالك المادة ( 14) حيث باتت تتيح للمرأة والرجل تقييد عقد الزواج بقيود خاصة لا تخالف الشرع والقانون، وهو تعديل يفترض أن يمنح المرأة الحرية في فرض المزيد من الشروط عند الزواج، “لكن هنا من المهم أن ننتبه إلى أن تلك الشروط يجب ألا تخالف الشريعة الإسلامية، أي أنه على سبيل المثال لا يمكن للمرأة اشتراط ألا يتزوج زوجها بثانية.
تناقضات المشرع:
في ضوء وجود قوانين عدة للأحوال الشخصية حسب الطائفة والدين جاء التعديل الأخير يشمل طائفة واحدة ولايأخذ بعين الاعتبار حق جميع السوريات بقانون أسرة مدني موحد وإن ذلك مخالفة مباشرة للدستور السوري و لكل السوريين.
إن التفريق القانوني لم يكن مقتصراُ فقط بين المرأة والرجل بل هو أوسع وأشمل من ذلك ليشمل فوارق ومراتب بين إمرأة سورية وأخرى، إنها لا مساواة على أساس الدين وليس على أساس الانتماء للوطن مع غياب ملاحظ لقانون العنف الأسري رغم الحاجة الماسة لحماية السوريات من العنف دون أدنى تمميز بينهن.
وحالة اللاقانون في محاربة التمييز ضد المرأة لم تكون موفقة بشكل كاف لجميع السوريات، وإذا كان النص الدستوري يساوي بين الذكور والإناث ماذا عن القوانين الأخرى مثل قانون الجنسية وقانون العقوبات؟.
قانون الجنسية:
بالرغم من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سوريا مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل أيضاً التي نصت بشكل صريح على أن يحمل الطفل اسم وجنسية ، وبالإضافة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد على أنه من حق كل فرد التمتع بجنسية ما ، والدستور السوري الذي نص على على مساواة ضمن مواده إلا أن قانون الجنسية منذ أربع وأربعون عاماً لازال مخالفاً لكل ماذكر أعلاه ورافضاً حق المرأة في منح الجنسية لأبنائها.
تنص المادة الثانية من المرسوم رقم (276) لعام 1969 على أن يعتبر سورياً حكماً:
1- من ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري.
2- من ولد في القطر من أم عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً.
التمييز في قانون الجنسية والأزمة:
إن مئات الآلاف الآن من السوريين يعيشون كلاجئين أونازحين في مختلف أرجاء العالم وبعانون مصاعب شتى في تحصيل الإقامة أو جواز السفر السوري، بل أكثر من ذلك قد يصل الموضوع إلى مشكلة إثبات النسب نتيجة زيجات متعددة بين سوريات وأجانب وهذا الخطر المحدق يهدد برفع نسبة مكتومي القيد وينذر بجيل مهدد بالأمية والتطرف.
إن أوضاع الحرب أجبرت العديد من السوريات للزواج من عرب أو أجانب وحصلت حالات زواج وطلاق وهجرة ووفاة وعدم إثبات نسب إن كان داخل الأراضي السورية أو خارجها .
هذه المصائب الثقيلة لازالت في حالة صمت في قانون الجنسية السوري الذي يعتبر المرأة مواطنة ناقصة ويحرمها من حقها في حماية أبنائها، فلو أردنا الإشارة إلى ما سيواجه المرأة السورية المتزوجة من أجنبي لاستطاع القانون التفكير قليلاً في جزء من مشكلة التعليم والصحة والإرث وغياب الإثبات القانوني والانتخاب عدا عن الشعور بالإحباط وفقدان الأمل والحقد بالرغم من تواجد الأبناء مع مواطنة سورية الجنسية .
ذرائع وحجج تمييزية :
دائمأ ولتاريخ اليوم مشكلتان جوهريتان أساسيتان تظهران في مطالب قانون الجنسية وفي مطالب النساء السوريات فالمرأة السورية تتحمل العبء السياسي والقانوني لوحدها .
أولهما: مشكلة ازدواج الجنسية.
وثانيهما: الزواج من رجال فليسطيني الجنسية وحق العودة.
بدايةً هنالك مخاوف قانونية من مخالفة المرأة السورية لقانون الجنسية حيث أن الطرح القانوني يقول 🙁 حين تمنح المرأة الجنسية لأبنائها من أب أجنبي يحمل الطفل جنسيتان معاً سورية وأجنبية)، وذلك يعتبر مخالفاً لقانون الجنسية الذي ينص في مادته (10) على أنه ( كل سوري حصل على جنسية أجنبية بناء على طلبه وقبل صدور مرسوم يسمح له بالتخلي عن الجنسية السورية يبقى ويعامل كالسوري من كافة الوجوه وفي كافة الأحوال إذا رؤي تجريده منها يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر) أما المادة (21) تنص على أنه (لايجوز تجريد السوري من جنسيته إلا بناء على اقتراح معلل من وزير الداخلية).
فإذا كان المشرع جعل أمر ازدواج الجنسية أمر جوازي ويتعلق بوزير الداخلية وحده حصراً وأجاز أيضاً للوزير حق تحريك الدعوى التي تتعلق بالتجريد من الجنسية و تكون أشد العقوبات تندرج من الغرامة إلى التجريد.
يبقى السؤال المثار ذهنياً لماذا لا يعامل الأب السوري بالمثل حين يمنح أبنائه جنسية أجنبية وجنسية سورياً؟
وهل القانون يطبق على النساء حصراً وليس على الرجال؟ بحجة ازدواج الجنسية.
وفيما يتعلق بالزواج من رجال فليسطيني الجنسية:
أن سورية وافقت على قرار الجامعة العربية رقم (47) لعام 1959 والقاضي بعدم منح الفلسطينيين جنسية البلد الذي يقطنون به حفاظا على جنسيتهم الفلسطينية من جهة, ولضمان حق العودة للاجئين الفيلسطينين من جهة أخرى .
ولكن ووفقاً للقانون الدولي إن حق العودة هو ينطبق على كل فليسطيني سواء أكان رجل أم إمرأة وعلى كل أبنائهما مهما اختلف المكان أو الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لأنه حق لصيق بالإنسان وغير قابل للتصرف إلا بإرادة الفرد نفسه وليس بإرادة أي طرف سياسي أو حكومي فالحق في الهوية والانتماء من حقوق الإنسان الأساسية، بمعنى أن الإجراءات الداخلية للدول في تنظيم حقوق أفرادها بلاتؤثر أبداً على المطلب الدولي والإنساني بحق العودة ، بل يمكن القول أن المشرع استند إلى هذه الحجة السياسية بوجه النساء فقط .
يرجع الدليل إلى ذلك بهوية المرأة الفليسطينية المتواجدة في سوريا فحسب قانون الجنسية السوري المرأة العربية المتزوجة من سوري تملك الحق في اكتساب جنسية زوجها وهنالك الكثير من الحالات نساء فليسطينات امتلكن الجنسية السورية بعد الزواج من رجل سوري الجنسية متناسياً المشرع السوري أن حق العودة للرجال والنساء معاً دون أي تفريق دولياً .
أي أن التذرع بحجة حق العودة لا علاقة له أبداً بقانون الجنسية السوري بل هنالك حجة وهمية لزيادة التمييز بين النساء والرجال السوريين في القوانين المحلية مع مخالفة واضحة للقوانين الدولية، وإقحام المرأة حقوق المرأة السورية بقرارات سياسية لن تخدم أطفالا لم يعرفوا سوى سورية كبلد و يعاملون فيه كأجانب.
إن المفاصل والمواضيع الحساسة بين الرجل والمرأة السورية ترجع إلى قرارت وقوانين لازالت محلية وليست دولية أو حتى سياسية وتعود إلى ذهنية ذكورية تمييزية بين المرأة والرجل، بدون تطبيق للاتفاقيات والتشريعات الدولية التي تصون حقوقاً للمرأة كالرجل تماماً.
قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949:
جاء قانون العقوبات السوري بمجمله للجرائم التي يتركبها الرجال والنساء، ولكن هذه النظرة الشمولية في المساواة لم تكن رادعاً للعنف ضد المرأة، لأن القانون يضم العديد من المواد التمييزية فيما يخص المرأة كمكون أساسي للأسرة والجمتمع :
1- جرائم الشرف:
بعد سبعين عاما ً من الإرث لقانون العقوبات الفرنسي ألغيت جريمة الشرف في قانون العقوبات السوري بالمرسوم رقم (2) لعام ( 2020 ) لقد كان سابقاً القانون يبيح للرجال قتل النساء تحت ما يسمى جريمة قتل باسم الشرف أي أن الذكر له الحق بارتكاب جريمة قتل ضد الأنثى إذا أرتأ فعلاً منافياً للأخلاق والضوابط العامة التي هي مناسبة بنظره.
استمر هذا الفعل الجرمي منذ عام (1949) إلى العام (2020)، تحت بند المادة القانونية (548) وذلك يعود لأسباب مجتمعية وعادات وتقاليد لم يكن القانون السوري للأسف رادعاً لها طوال هذه المدة.
الأسباب والخلفيات:
سميت هذه الجريمة بهذا الاسم كنوع من التمييز لها عن الجرائم الأخرى لأن فعل القتل مبرر بغسل العار المجتمعي وعادة مايكون القتل لأسباب تخالف الدين أو المجتمع مثل:
1- الطلاق.
2- الارتباط بعلاقة غير مرضية للأسرة.
3- ارتداء ملابس غير مناسبة للبيئة المحيطة.
4- أو قد تكون الأنثى ضحية اعتداء جنسي ما وجلبت العار.
2- العلاقات الجنسية:
أ-الزنى- ( الخيانة الزوجية):
لم يكن كافياً على المرأة السورية المجتمع والعادات والتقاليد والسياسة بل أيضاً تطبيق الدين أصبح محصوراً بالنساء حصراً ليكون التمميز واضحاً ومستهدفاً النساء فقط في المواد القانونية (473-474) التي تعاقب المرأة الزانية وتتغاضى النظر عن الرجل الزاني .
لقد خصص الفصل الثاني من الباب السادس من قانون العقوبات للجرائم التي تمس الأسرة وتكون أبرزها الجنحة المخلة بآداب الأسرة (أي الزنا).
تنص المادة (473) من قانون العقوبات السوري على مايلي:
1- تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين.
2- يقضي بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس نت شهر إلى سنة.
3- فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لايقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الخطية المكتوبة.
أدلة وطرق إثبات جرم الزنا:
تشكل جريمة الزنا حالة خاصة تجاه المرأة في سوريا ، فالمشرع السوري وفر كافة الطرق للرجل لاتهام المرأة بفعل الزنا حيث أنه يجوز إثبات الزنا تجاه المرأة بالأوراق المنزلية، الاتصالات الهاتفية ، وبحلف اليمين، أوبأية طريقة يمكن أن تعتمد لإثبات هذا الفعل عليها.
أما الرجل فتنحصر طرق إثبات جرم الزنا تجاها بثلاث:
1- الإقرار القضائي.
2- الجنحة المشهودة.
3- الوثائق الرسمية.
والأكثر إجحافاً ماجاء في الاجتهادات القضائية بحسب الاجتهاد الصادر عن محكمة النقض في سورية جنحة(2201-قرار 2308) تاريخ 24-8-1976:
( إن إثبات الزنا على المراة يصح بطرق الإثبات كافةً وفقاً للقواعد العامة وأما إثبات هذا الجرم ضد شريكها الذي لا يقصد به إلا الرجل وحده فيكون بإحدى الطرق التي ذكرها القانون على سبيل الحصر وهي الإقرار القضائي والجنحة المشهودة والوثائق الرسمية).
في العقوبة:
هنالك حالة وحيدة في قانون العقوبات لفرض عقاب على الرجل وهي أن يكون فعل الزنى قم تم حصراً في منزل الزوجية فتقول المادة (474) مايلي:
1- يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنا في البيت الزوجي أو اتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان.
2- تنزل العقوبة نفسها بالمرأة الشريك.
وللتنويه يعتبر البيت الزوجي أي مكان يقيم به الزوج عادة وليس فقط بيت الزوجية وذلك بحسب اجتهاد لمحكمة النقض السوري – جنحة 1449 قرار 2019 تاريخ 8-10-1980
(لا يقتصر البيت الزوجي على المسكن الذي تقيم فيه الزوجات عادةً أو في أوقات معينة إنما يشمل كل محل يقيم فيه الزوج ولو لم تكن الزوجة مقيمة فيه فعلاً).
بمعنى أو بآخر فقط لأنها إمرأة فهي زانية ويبدو واضحاً ذلك من هذيين المادتين التي تحفلان بالتمييز فهي عقوبتها أشد وطرق الإثبات ضدها ممكنة كيف ماكانت ، بينما هي مقيدة ضد الرجل وكأنها هي وحدها من ارتكب جرم والرجل ضحية للمرأة.
افتراضاً لنظرية المشرع الهدف من هذه القيود هو حماية الأسرة وعدم تفكك المجتمع والتناقضات بين المرأة والرجل في التطبيق القانوني لم تكن بالفعل حامية ورادعة من الآفات المجتمعية لنجد في التطبيق العملي غطاء قانوني وأعذار قضائية لجرائم يرتكبها رجال أسرة واحدة بحق إمرأة واحدة أو أكثر.
أ- الاغتصاب:
من المؤلم تشريع الاغتصاب من الزوج للزوجة من الرجل للمرأة من الشريك إلى الشريكة ومن الأشد قساوة المادة (489) مادة الاغتصاب على فراش الزوجية التي تنص على مايلي :
أ- من أكره غير زوجه بالعنف أو التهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل.
ويعرف الاغتصاب الزوجي بأنه الجماع دون موافقة أحد الزوجين، ويكون كافياً مجرد الرفض ليعتبر اغتصاباً حتى لو لم يتم استخدام العنف.
يعتبر الاغتصاب الزوجي أشد أنواع العنف المنزلي المستمر تجاه الضحية وتعود تبريراته إلى:
1- الآراء التقليدية حول الزواج.
2- تفسيرات العقائد الدينية.
3- الأفكار حول الغريزة الجنسية لكل من الرجل والمرأة
4- الثقافة المتعلقة بإخضاع الزوجة لزوجها والتي لا تزال شائعة.
لاجريمة ولاعقوبة بلانص:
إن المشرع لم يجرم فعل الاغتصاب بين الأزواج ولن يعاقب عليها بالرغم من أنه فعل عنيف ولكن مسكوت عنه قانوناً، فللأسف المشرع السوري مازال أميناً على جميع حقوق الرجل ، لاسيما حقه قانوناً بالاستمتاع بزوجته كيفما يريد دون الاكتراث بحالة زوجته النفسية أو الجسدية أو حتى رغبتها الجنسية، فإن ذلك تعزيز ودعم لحق ملكية الرجل للمرأة ليس بجسدها فقط بل بعقلها وكيانها الإنساني بالرغم من أنها جزء من أسرة الزواج.
ضحايا قانون العقوبات:
بالرغم من قساوة فعل الاغتصاب تكافئ المادة (508) الفاعل بهدية الزواج من الضحية ولمدة خمس سنوات ليتكرر فعل الاغتصاب مجدداً ومجدداً .
تنص المادة على مايلي :
أ- إذا عقد زواج صحيح بين المرتكب أحدى وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان قد صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه .
ب-وتعاد الملاحقة وتنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية، إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع، أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها.
وقد عدل بالمرسوم التشريعي رقم 1 للعام 2011 إذ أصبحت عقوبة المجرم الحبس مدة سنتين على الأقل حتى وإن تزوج من ضحيته زواجاً صحيحاً.
إن المشرع أراد هنا ستر الجريمة المرتكبة من الرجال بحق النساء في محاولة قانونية لتقديم المرأة جسدياً للمجتمع وكأنها قربان أو هدية تقدم للرجل تحت ذريعة تكوين الأسرة ، عندما أراد المشرع الحفاظ على المجتمع والعادات والتقاليد وبناء مجتمع سليم والحث على الزواج اقتصر دور المرأة فيه على الناحية الجسدية والجنسية دون أدنى تفكير حتى في حق المرأة في قانون يحمي من فعل الاغتصاب .
وهذا القانون لايحتاج إلى تعديل أو تغيير بل يحتاج إلى إلغاء وتجريم وعقوبات رادعة لبناء فكر مجتمعي مساوياً بين الرجال والنساء دون أدنى تمييز.
تاريخ المطالبة النسوية:
لم تكن الحركة النضالية وليدة يوم أو عام قد تكون بدأت قبل صدور القانون بأعوام كثيرة ، لتكون من أهم محطات النضال النسوي السوري وهي على سبيل المثال للحصر حملة ( لا للقتل . لا لجرائم الشرف) في العام 2005 ، وأيضاً شهدت الهيئة السورية لشؤون الأسرة في العام(2008) العديد من الحملات التوعوية والثقافية فيما يخص جرائم الشرف ، ليكون كل يوم بتاريخ 29 أكتوبر / تشرين الأول من كل عام هو اليوم العالمي لمناهضة جرائم الشرف .
ولكن هل يكفي يوماً واحدا من كل عام لإزالة الدماء التي زهقت بحق النساء؟
إن العادات والتقاليد استمرت منذ أعوام ولازالت ممارسة إلى اليوم بالرغم من وجود قانون ما، قد لايكون القانون وحده كافياً إضافة إلى ذلك هنالك دور مجتمعي وحكومي للعمل معاً على التغيير في نظرة الذكر للأنثى.
للأسف لا زالت العادات والتقاليد هي الإرث المتجذر الذي يتحكم بالمجتمع ويحد من حرية المرأة أمام سلطة الرجل.
Leave A Comment