كتبت آلاء عامر في الحل:
في كتابه (أزمة المرأة في المجتمع الذكوري)، يعيد المفكر والباحث السوري “بوعلي ياسين”، تاريخ تقسيم العمل بين الرجل والمرأة إلى العصر الحجري، موضحاً أن أول تقسيم للعمل البشري كان بإعطاء مهمة الصيد للرجل، وتربية الأولاد وجمع الثمار البرية للمرأة، وبالتالي كان رجل العصر الحجري يعمل خارج المنزل( في الطبيعة والمجتمع)، والمرأة تعمل داخل المنزل وبقربه، ومن هنا يرجع العديد من الباحثين الفضل في بدء الحضارة إلى المرأة، على اعتبار أنها اكتشفت من خلال جمع الثمار الشكل الأول للزراعة، وأن تواجدها بقرب المنزل جعلها تقوم بمهمة رعاية الحيوانات التي يأسرها الرجل، وهذا هو الشكل الأول للتدجين.
بعد ذلك لاحظ الإنسان أن الزراعة والتدجين أكثر إنتاجية من الصيد، وبدأ عصر الأمومة الذي ارتبط بهذه البداية النسوية للحضارة، ولكن بعد الانقلاب الذكوري، احتكر الرجل وسائل الإنتاج (الزراعة والرعي) وحول المرأة إلى فلّاحة مساعدة له خارج المنزل، بالإضافة إلى مهامها داخل المنزل في الطبخ وتربية الأولاد والتنظيف وغيرها.
وعلى الرغم من أن المرأة عبر التاريخ كانت تحاول دائماً الخروج من قوقعة البيت لتسترد دورها الحضاري، ومن مساهمة الثورات الاجتماعية والرأسمالية في ذلك، إلا أن الشريحة الأوسع من النساء أصبحن يشتكين من مهام مضاعفة، لأن الرجل رفض مشاركة ومقاسمة المرأة الأعمال المنزلية، فصارت المرأة تعمل داخل وخارج المنزل، الأمر الذي يترتب عليه استنفاذ في الطاقة البدنية والنفسية وتقصير في إنجاز بعض المهام وفي نوعية الإنتاجية.
عدم شكر الرجل على قيامه بمهامه داخل المنزل
وفي سؤال لنساء سوريّات إن كن يتقاسمن العمل المنزلي مع الشريك، فكانت إجابة أغلبية المقيمات في أوروبا وتركيا، بأن الشريك أبدى تعاوناً ملحوظاً ربما ما كان ليقوم به لو كان محاط بضغط الأهل والمجتمع الذي يعتبر قيام الرجل بالأعمال المنزلية نيلاً من رجولته.
الناشطة السوريّة “ولاء علوش”، وهي أيضاً أم لطفلين، تشير إلى أنه لا يزال أمام الرجل وقت طويل قبل أن يقتنع بأن تقاسم الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال مع شريكته أمر من مهامه الأساسية، ولكنها عندما تحكي عن تجربتها لـ(الحل نت)، تؤكد “علوش” أنها متمسكة بمسألة تشارك المهام داخل المنزل لدرجة أنها لا تساعد زوجها في مهامه المنزلية، ولكن “علوش” تعتبر أن مساعدة الرجل للمرأة هي في الأغلب تكون على شكل «مساعدة للمرأة» وليست مساواة في تقسيم المهام.
ووفق الناشطة، فإنه «عندما تتوقف النساء عن شكر الرجل على قيامه بمسؤلياته داخل المنزل، وكأنه يقوم بمنة أو فضل، نكون على طريق المساواة العادلة في تقسيم الأعمال المنزلية».
تدير “جلنار الحسيني” مكتب للعقارات وهي متزوجة من رجل كندي، ورغم أن زوج “جلنار” ليس مثقلاً بأفكار الرجل الشرقي الذي لا يعمل في المنزل، إلا أن مسألة تقاسم الأعمال المنزلية لم تكن بتلك السهولة، وتوضح “جلنار” لـ(الحل نت) عدم ارتباط مفهوم نظافة ورتابة المنزل بكفاءة المرأة في الغرب، وأن زوجها لم يقبل تقاسم الأعمال المنزلية معها ليس بسبب شعوره بأن ذلك يمس برجولته، بل بسبب عدم امتلاكه الوقت والرغبة للقيام بهذه المهام التي يعتبرها غير مهمة وثانوية، مشيرةً إلى أنهما في بداية حياتهما الزوجية قاما بتوظيف مساعدة تهتم بشؤون التنظيف والترتيب، ولكن بعدما تقاعد زوج “جلنار” صار يتقاسم معها المهام المنزلية رغم أنها لا تزال تعمل في المكتب العقاري، وتضيف “جلنار” أنه «من المهم تحديد وتوزيع المهام منذ بداية العلاقة مع الشريك لأن الأمور فيما بعد تصبح أكثر تعقيداً».
طبيعة عمل الرجل تحدد مهامه المنزلية
من جهتها، تشير التربوية “نور مصطفى” لـ (الحل نت)، إلى أنها نشأت في بيت توزعت المهام المنزلية فيه بالمساواة بين الأم والأب، ورغم اقتناع نور بأهمية تقاسم العمل المنزلي بين الرجل والمرأة، إلا أن الظروف حسب قولها قد تعيد توزيع المهام، فزوج “نور” يعمل لساعات طويلة في مهنة مُرهقة للغاية، لذلك تشير التربوية إلى أنها اضطرت إلى القيام بأعمال المنزل رغم أنها تعمل بدوام جزئي في الخارج، موضحةً أن «المرأة يجب أن تكون قوية كي تتمكن من إرضاء نفسها والآخرين».
Leave A Comment