عندما خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ٢٠١٠، يوم ٢٣ حزيران “يوماً عالمياً للأرامل”، شاءت من خلاله أن تلفت الأنظار إلى واقعهنّ كوسيلة لتخفيف المعاناة النفسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهنها بعد وفاة أزواجهنّ، خاصة أنّ حوالي 260 مليون أرملة في كل أنحاء العالم، يعيش عشرهن في فقر مدقع، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى اختيار شعار هذا العام “إدراج الأرامل في العمل من أجل إعادة البناء بشكل أفضل في ظل كوفيد-19″.
في العالم العربي معاناة النساء مضاعفة، وهذا ينسحب على وضع الأرامل اللواتي يعانين من تحديات يواجهنها جرّاء القيود المجتمعية الذكورية التي تُفرض عليهنّ.
ففي فلسطين وتحديدا في قطاع غزة المحاصر، والذي يشهد في كل فترة عدواناً اسرائيلياً يرتقي إثره عدد من الشهداء، نموذج اخترناه نظراً إلى ارتفاع نسبة الأرامل فيه، اللواتي يواجهن مشاكل عديدة منها الألم الناتج عن خسارة أزواجهن، والقلق من كيفية تأمين الدخل المالي، بالإضافة إلى إجبار البعض منهن على الزواج من أسلافهن كوسيلةً للحفاظ في الأسرة الممتدة على الملكية، والميراث، والأولاد، في معادلة تضع الأرملة أمام خيارات ضئيلة، فإما الزواج أو خسارة حضانة الأولاد.
فقد كان الأولاد قديماً ولا يزلن وسيلة للضغط ضمنيًا للزواج من السلف لأن قانون الحضانة كان يسمح للمرأة بإبقاء الولد معها حتى السنّ التاسعة والبنت حتى السابعة؛ وفي بعض الأحيان كان يتم تمديد هذه الفترة لغاية السنتين و بعد ذلك يستحيل بقاء الأولاد مع الأم.
تكلَّل حبٌ دام ٦ سنوات بزواج دام ٣ سنوات فقط، لأنَّ العدوان الأخير اختطف زوج ولاء تاركًا لها طفلين. توفي زوجها و ازدادت عليها الضعوط من قبل عمِّها أيّ أب زوجها، بدأت بممنوعات وصولاً إلى نقطة ضعف ولاء، أولادها، فما كان على الأخيرة إلا الزواج من سلفها قائلة :”كان الخيار أن أختار أخ زوجي لأتحرر من السجن يلي أنا فيه”.
وفي معرض سؤال وجّهه موقع “شريكة ولكن” لمديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية وحماية المرأة السيدة زينب الغنيمي وهي باحثة ومستشارة قانونية أيضا حول إذا كان أهل الزوج يتحصنون بقانون معيّن يسمح لهم بالضغط على الأم التي توفي زوجها بانتزاع أطفالها إن لم تقدّم لهم تنازلات معيّنة، أجابت الغنيمي أنّ القانون الجديد في ما يتعلق بالأرملة التي تتمنع عن الزواج- وهو قانون يطبق في قطاع غزة- يؤكد على أنّ لا أحد يمكنه نزع الأولاد من الأم طالما لم تتزوج.
كما وأشارت إلى أن الأرملة يمكن أن تستفيد بنسبة ٥٠٪ من معاش زوجها التقاعدي، بعد وفاته، ويمكن أن تحصل على الميراث أيضا ولا يمكن لأحد أن يمنعها واذا حدث يحق لها اللجوء إلى المحاكم.وتتابع الغنيمي نجح هذا القانون من تخفيف هذه الظاهرة بنسبة كبيرة ولكنه لم ينجح بالمحافظة على حرّيّة النساء وإنصافهن.
يعتبر هذا اليوم فرصة لرفع الصوت تجاه هؤلاء النساء، والإصرار على تقديم الدعم لهنّ، والأهم إعطائهن الحرية في الاختيار وفي الحياة، بعيدا عن الذكورية المتفشية والممارسات التي تكرس المرأة كتابع، يحق للجميع تقرير مصيرها وأولادها.
Leave A Comment