فرض القانون السوري على المطلق طلاقا تعسفيا تعويضا لمطلقته ليضمن لها حياة كريمة بعد الطلاق ؛ وبهذا خطا خطوة ايجابيه نحو إعطاء المرأة بعضا من حقوقها ؛ فينص القانون السوري في المادة (117) “إذا ظلم الرجل زوجته وتبين للقاضي أن الزوج تعسف في طلاقها دون ما سبب معقول وأن الزوجة سيصيبها بذلك بؤس وفاقة ؛جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بتعويض لا يتجاوز مبلغ ثلاث سنوات لامثالها فوق نفقة العدة ؛ وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهرا بحسب مقتضى الحال “
لكن المشكلة في هذا التعويض المرهون بإجازة القاضي ؛ واجتماع عدة شروط معا ومنها البؤس والفاقة ما جعل هذا التعويض شبه مستحيل؛ فتسبب في حرمان مئات من النساء المطلقات من هذا الحق ؛ فتحدثنا السيدة (رؤى محمد) عن معاناتها حيث تقول :طلقني زوجي بعد 30 عاما عشت فيها معه وفنيت شبابي إلى أن فاجأني بزواجه بأخرى وبالتالي طلاقي؛ ولم أنل منه سوى مهر زهيد لا يساوي ما قدمته من أموال وشقاء في سبيل البيت والأسرة ؛وعندما طالبت بالتعويض تحجج القاضي بوجود أخي الذي يستطيع الاتفاق علي دون النظر إلى وضعي حيث أنني لا أملك موردا ماليا أو عملا ما أوقعني في معاناة نفسية نتيجة إحساسي بأني متطفلة على أسرة أخي وليس لي أي حق.
أما السيدة(حنان صالح)فتقول: كان طلاقي لسبب تافه ودون إرادتي ورغم وقوعي في فقر وعوز لم يحكم لي القاضي بالتعويض ؛ وذلك يعود لتقديره الشخصي ولولا عطف البعض لأصبحت بالشارع
وتحدثنا السيدة (نوال عبدا لله) بقولها : عندما طلقني زوجي كنت أعمل في أحد المعامل لذلك لم يحكم لي القاضي بالتعويض على اعتبار أن لي موردا ماليا بالرغم من الظلم الذي ألحق بي من جرّاء الطلاق الذي لا أعرف سببه ؛ وأنا الآن فصلت من العمل فأضطررت للعمل في بيوت الناس ولو أن القاضي حكم لي بالتعويض حينها لاستطعت على الأقل تدبر أمري .
من هذه القصص الواقعية نتلمس مدى الظلم المحيط بالمرأة وهذا التعسف الذي فرض عليه القانون تعويضا عن الضرر مشروطا بشروط تعجزيه فبدل أن يأخذ المشرع بالضرر الملحق بالمرأة و الأذى النفسي والجسدي من جراء الطلاق وبالتالي يزيد التعويض نراه يزيله بتقييده لحق التعويض بالبؤس والفاقة الذي يصعب إثباته .فالتعويض المقرر حاليا والذي لا يتجاوز نفقة ثلاث سنوات يعتبر أشد إجحافا من الطلاق بحد ذاته لأن الشروط القاسية التي تضمنتها المادة (117) يصعب على المطلقة إثباتها ولا سيما البؤس والفاقة وكأنهما أمران مستحيلان وهما منتفيان بمجرد لجوء الزوجة إلى دار ذويها فمن النادر أن توجد امرأة بلا أهل أو أخوة ؛ إضافة إلى أن مقدار النفقة لا يتماشى مع متطلبات الحياة هذا وناهيك عن سلسلة الإجراءات القضائية الطويلة والمماطلات والتأجيلات بالإضافة إلى حالات الإكراه والقسوة التي يستعملها الزوج ليدفع بزوجته إلى طلب التفريق للتخلص من التعويض.
لذلك وجب النظر بنص المادة (117) من قانون الأحوال الشخصية وتعديلها بحيث يكون التعويض مناسبا لدرجة التعسف والضرر الذي لحق بالمرأة؛ ويجب أن تزداد النفقة مع ازدياد متطلبات الحياة وغير ذلك من التعديلات التي تحافظ على كرامة المرأة .
من الضروري النظر في واقع المرأة والعمل على تحسين أوضاعها كخطوة أولية نحو مجتمع متين ومتماسك يعطي كل ذي حق حقه.
الثورة( 2004)
Leave A Comment