إن ظاهرة استغلال الأطفال أو سوء معاملتهم أضحت ظاهرة تعاني منها كل المجتمعات الإنسانية، وهي تتخذ أنماطاً متعددة تختلف من مجتمع إلى آخر، ولهذا فقد اهتم بها الباحثون والمختصون من أجل وضع حد لها ومكافحتها. ومن بين أساليب المكافحة النص في القوانين على جرائم معينة تتعلق باستغلال الطفل وتقرير العقوبات الجنائية لفاعلها، أي استخدام الأداة التشريعية، ولقد وجدت أنماط عدة لاستغلال الأطفال وسوء معاملتهم، بعضها قديم ساد في المجتمعات الجاهلية، مثل وأد الأطفال أو التخلي عنهم.
أما التخلي عن الأطفال فيحدث نتيجة تزايد البغاء والأطفال غير الشرعيين خوفاً من العار والفضيحة، كما أن إهمال الأطفال يشكل النمط الثاني من أنماط سوء المعاملة، وهو ما يحدث نتيجة عدم العناية الصحية وغياب الدعم المادي والنفسي وعدم التنشئة السليمة، وهذه الظاهرة لاتقل خطورة عن الإيذاء الجسدي للطفل الذي يبدو في صورة الضرب والحبس والحروق، وهو يترك أثراً سيئاً لدى الطفل عندما يكبر. أما الإيذاء النفسي المتمثل في الشتم والإهانة والتحقير فيعد نطاقاً آخر لصور الإيذاء وسوء المعاملة. وفضلاً عن هذه الصور القديمة والتقليدية للإيذاء، هناك صور تتمثل في الاستغلال الجنسي للطفل، وهناك نمط آخر هو استخدام الأطفال في التسول عن طريق عصابات منظمات سرية متخصصة تجني أموالاً طائلة من هذا النشاط.
إن هذا السلوك الخاطئ أصبح ظاهرة عالمية يعاني منها ملايين الأطفال في العالم، لذلك كان لابد من ذكر بعض صور استغلال الأطفال:
1- استغلال الأطفال في المواد الإباحية: استخدام الحاسب الآلي أو الإنترنت أو الرسوم المتحركة لإعداد أعمال إباحية أو لعرضها أو الترويج لها تتعلق باستغلال الأطفال في الدعارة والأعمال الإباحية أو التشهير بهم أو بيعهم، أو لتحريضهم على الانحراف أو القيام بأنشطة منافية للآداب ولو لم تقع الجريمة فعلاً.
2- يقصد باستغلال الأطفال في البغاء: استخدام طفل لغرض أنشطة جنسية لقاء مكافأة أو أي شكل آخر من أشكال العوض.
3- يقصد باستغلال الأطفال في المواد الإباحية: تصوير أي طفل بأي وسيلة كانت يمارس ممارسة حقيقة أو بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة، أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للطفل لإشباع الرغبة الجنسية أساساً.
4- يقصد باستغلال الأطفال في التسول: أطفال يقوم أفراد من أسرهم بتسفيرهم أو نقلهم داخلياً مصطحبين أو غير مصطحبين من قبل شخص بالغ من الأسرة، لاستغلالهم في التسول بصورة يومية ومنتظمة طيلة اليوم.
5- أطفال يقوم أفراد من خارج أسرهم بأخذهم من أسرهم الموجودة منذ زمن قانونياً أو بصورة غير قانونية لاستغلالهم في التسول بصورة يومية منتظمة وطيلة اليوم.
6- بنات في سن الطفولة الصغيرة أو في سن المراهقة (فتيات) يتسولن في الشوارع ويعملن في الدعارة، فالتسول إما مهنة مصاحبة أو هو غطاء للدعارة التي قد تدرّ للمتاجرين بالطفلة أو الفتاة (أحياناً الوالدين أو أفراد الأسرة) دخلاً أكبرف
7- الأطفال صغار السن أقل من عام أحياناً الذين يتم استئجارهم من أسرهم بواسطة أشخاص آخرين لغرض استخدامهم كأدوات مصاحبة ومساعدة، ليقوم هؤلاء الأشخاص بالتسول.
8- أطفال معوقون يتم استئجارهم بغرض استغلالهم في التسول المنظم استدراراً لعطف المحسنين، خاصة في المواسم الدينية وخلال فصل الصيف.
9- أطفال يعملون في بيع الأشياء الصغيرة (مناديل، زهور، لعب أطفال، مياه معدنية) في الشوارع وعلى الأرصفة، وبعضهم يمررون المخدرات، أو يعملون في الدعارة.
10- استغلال الأطفال الجنسي في الأعمال الإباحية عبر الإنترنت أوفي الدعارة.
11- استخدام الأطفال في الأعمال المهنية أو الإجرامية، مثل الاستغلال الإعلاني للأطفال، الذي يمثل مشكلات أخلاقية أو الاستغلال الإجرامي في تصنيع المخدرات وترويجها ونقلها بين الدول.
12- الاستخدام الجنسي للأطفال أصبح ظاهرة عالمية يعاني منها ملايين الأطفال في مختلف بلدان العالم، إلى غير ذلك من صور الاستغلال التي يتعرض لها أطفال، كبتر الأطراف وبيع بعض الأعضاء لمن يحتاج إليها.
سبل الوقاية من جريمة الاستخدام الجنسي للطفل:
تقع المسؤولية في هذه الجريمة على عاتق الحكومات والمجتمعات والأفراد، ولذلك إذا نظرنا إلى سبل الوقاية من هذه الجريمة نجد أنه لابد من أن يقوم كل طرف بواجبه الملقى على عاتقه، فما يمكن أن تقوم به الحكومات لا يمكن أن يقوم به غيرها من المجتمعات والأفراد، وما يمكن أن تقوم به المجتمعات لا يمكن أن يقوم به الأفراد وهكذا.
فالحكومات تستطيع أن تصدر القرارات وتعمل على تنفيذها، لأنها صاحبة الأمر والنهي وبيدها السلطة التنفيذية. وهي التي تعمل على سن القوانين التي تحمي المجتمع والأفراد من أي جريمة، وهي التي تنزل العقوبة بالمجرمين.
كما أن على المجتمعات التعاون والتكاتف على سد أي ثغرة تخل بهم ومعالجة أي حالة تحدث، والتعاطف فيما بينهم وتقديم النصح ونشر الوعي، والوقوف صفاً واحداً أمام المجرمين والشبكات الإجرامية. والعمل على تنشئة الأجيال تنشئة صحيحة تحصنهم من الوقوع في براثن المجرمين.
أما الأفراد فعليهم أن يكونوا في حال يقظة دائمة، وأن يكون أولياء الأمور في حال سهر دائم على من أعطوا الولاية عليهم (كلكلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)! وأن يلتف الأفراد حول العلماء ويستمعوا إلى نصائحهم وإرشاداتهم. وهكذا نكون قد قمنا بتحصين الأفراد والمجتمعات مما قد يحيق بهم.
Leave A Comment