ومازال القانون السوري تمييزاً ذكورياً مجحفاً للمرأة بين طيات نصوصه ,وتعود العقلية الذكورية للظهور ما بين مواده العقابية برجعية تقليدية، لتبدو فيها المرأة ملكية خاصة وحصرية للرجل فقطً , فهي لأنها امرأة متهمة بكافة طرق الإثبات القانونية على العكس تماماً من الرجل الذي هنالك عدة ضوابط وقيود لاتهامه وهذا ما يبدو جلياً في نص المادة 473 من قانون العقوبات السوري التي جاءت من ضمن الجرائم الخاصة بالأسرة حيث ورد فيها مايلي
- تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين.
- ويقضى بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس من شهر إلى سنة
- فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ عنها من الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها.
وهنا نلتمس مدى التمييز في كل فقرة من فقرات هذا القانون.
أولاً:
عقوبة المرأة الزانية إن كانت متزوجة أم عزباء هي الحبس من (3 أشهر الى سنتين) بينما الرجل تختلف العقوبة إن كان عازباً أو متزوجاً فهو يعاقب كما المرأة فقط إن كان متزوجاً، لكن إذا كان عازباً فيعاقب نصف العقوبة التي تعاقب بها المرأة متزوجة أم عزباء (من شهر الى سنة)
ثانياً:
بحسب الفقرة الثالثة فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها. فقد اشترطت الفقرة الثالثة من المادة 473 أدلة معينة لإثبات الزنا على الرجل شريك الزانية وهذه الفقرة تنص على أنه ”فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوسائل الخطية التي كتبها” وتأسيساً على ذلك فان أدلة الإثبات إذا كانت غير مقيدة في جريمة الزوج المنصوص عليها في المادة 474 والتي تقول:
- يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنا في البيت الزوجي أو اتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان كان، أي في حالتين فقط هما أن يكون الرجل متزوجاً وارتكب الزنا في البيت الزوجي ويعرف البيت الزوجي بحسب اجتهاد لمحكمة النقض السوري – جنحة 1449 قرار 2019 تاريخ 8-10-1980 بما يلي:” لا يقتصر البيت الزوجي على المسكن الذي تقيم فيه الزوجات عادةً أو في أوقات معينة إنما يشمل كل محل يقيم فيه الزوج ولو لم تكن الزوجة مقيمة فيه فعلاً”.
- والحالة الثانية وهي اتخاذه لخليلة جهاراً بشكل معلن أمام الناس دون أن يكون متزوجاً منها.
إلا أنها محددة بالنسبة للشريك في الزنا كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من المادة 473 بثلاث طرق وهي:
- الإقرار القضائي ويعني اعترافه على نفسه أمام القضاء أما اعتراف الزانية على نفسها وشريكها فلا يشكل بالنسبة له سوى شهادة ضده لا تقبل دليلا عليه.
- الرسائل والوثائق الخطية يشترط أن تكون قد تم الحصول عليها بشكل مشروع.
- اللجنة المشهودة وتعني مشاهدة الشريك في الزنا في إحدى حالات الجرم المشهود
من خلال ذلك نرى أن وسائل الاثبات جاءت مطلقة بحق المرأة دون قيد أو شرط ,وهنا يبرز بوضوح التمييز ضد المرأة التي يقبل إثبات الزنا عليها في جميع الطرق كما جاء في الاجتهاد الصادر عن محكمة النقض في سورية –جنحة 2201 قرار 2308 تاريخ 24-8-1976:
”إن إثبات الزنا على المرأة يصح بطرق الإثبات كافةً وفقاً للقواعد العامة وأما إثبات هذا الجرم ضد شريكها الذي لا يقصد به إلا الرجل وحده فيكون بإحدى الطرق التي ذكرها القانون على سبيل الحصر وهي الإقرار القضائي والجنحة المشهودة والوثائق الرسمية”.
أما السؤال حالياً فمن يحق له الادعاء بجرم الزنا قانوناً؟
إن الزوج هو الذي يحق له أن يشكي على زوجته، وان كانت المرأة غير متزوجة هذا يعني أنه يمكن لولي أمرها أن يشتكي عليها وولي الأمر هو بحسب عمود النسب الأب وان علا أي الجد وأبو الجد وأبو أبو الجد، والابن وإن نزل أي ابن الابن وابن ابن الابن وان نزل.. أما الرجل فلا تتم الشكوى عليه إلا من قبل زوجته وهذا مانصت عليه المادة 475 بقولها (لا يجوز ملاحقة فعل الزنا إلا بشكوى الزوج واتخاذه صفة المدعي الشخصي ،وعند عدم قيام الزوجية فتتوقف الملاحقة على شكوى الولي على عمود النسب واتخاذه صفة المدعي الشخصي..لا تقبل الشكوى بانقضاء ثلاثة أشهر على اليوم الذي اتصل فيه الجرم بعلم الزوج، أو الولي). ومن المهم ذكره أنة لا عقاب على الشروع في التزاني لأن التزاني جنحة وليس هنالك عقاب على الشروع في الجنح إلا بنص خاص لكن قد يحصل التزاني وعند ضبط الواقعة المشهودة يتمكن الشريك من الفرار فيبقى مجهولاً وتبقى الزوجة مرتكبة الفعل حتى يكتسب الحكم الدرجة القطعية,ولم يتنهي ظلم المرأة عند هذا الحد بلا هنالك المزيد فهنالك نقطة مهمة وأساسية وهي اعتبار المرأة فاعل أصلي للجريمة والرجل هو شريك في فعل الزنى عدا حالة واحدة وهي ارتكاب الزوج الزنا في بيت الزوجية وذلك بناءاً على الاجتهاد الصادر عن محكمة النقض في سورية-أحداث 1209 قرار 69 تاريخ 27-1-1981 (لا يشترط في جريمة التلبس بالزنا أن يشاهد الزاني أثناء ارتكاب الفعل بل يكفي لقيامه أن يثبت أن الزوجة وشريكها قد شوهدا في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً).
وهنا الاجتهادات القضائية أكثر إجحافا من القانون بتفسيراتها، فلا يصح أن يطلق عليها اصطلاح الشريك وفقاً لقواعد الإثبات التي نحن بصددها.وهنا لا بدّ من إلغاء هذه المواد القانونية وإعادة صياغة تشريعية لقانون العقوبات السوري بأكمله دون أن يكون هنالك تواطئ مع مجتمع ذكوري وعقلية اقصائية للنساء.ولابد أيضاً من التفكير قليلاً والتأكد من أن هذا القانون هو الذي يساوي بين المرأة والرجل ولاينتهك أي من حقوقها الإنسانية . أن خطة المشرع في تقييد أدلة الثبوت على الشريك في الزنا محل نقد فهي تجافي العدالة , وكان الأفضل إتباع خطة واحدة في الإثبات بالنسبة للمرأة وشريكها في الزنا بإطلاق أدلة الإثبات أو بتنفيذها بدلا من ترك القضاء يخرج عن حدود نص المادة 473 فقرة (3) من قانون العقوبات تحسسه بتلك مجافاة العدالة.
فهل تنقضي مهلة الثلاثة أشهر ولايستطيع الزوج الادعاء على الشريك؟ الجواب أن الدعوى العامة تُحرَّك بالفعل لا بالأشخاص، فمهلة الأشهر الثلاث تبدأ على الشريك بمجرد معرفته، وإذا اكتسب الحكم الدرجة القطعية بحق الزوجة ولم تتم معرفة الشريك فتبدأ مهلة الأشهر الثلاث من تاريخ شمول الواقعة بالتقادم الثلاثي على الدعوى العامة سواء عُرف الشريك أم لم يُعرف.,
Leave A Comment