يشكل استهداف العاملين والعاملات في المجال الإعلامي في مناطق النزاع انتهاكا للقانون الدولي الإنساني الذي أسبغ عليهم الحماية نفسها المكفولة للمدنيين شريطة عدم اشتراكهم بشكل مباشر في العمليات العدائية، فهؤلاء الصحفييون والصحفيات يتعرضون لخطر الإصابة أو الموت أو الاحتجاز أو الاختطاف، فالحقيقة دائماً أول ضحايا الحرب.
نسعى من خلال هذه المادة لتوضيح نوع الحماية القانونية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للصحفيين والصحفيات.
لقد ورد في المادة (79 )من البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية جنيف 1949 لحماية المدنيين بالنزاعات العسكرية أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهماتهم في مناطق النزاعات المسلحة يجب احترامهم ومعاملتهم كمدنيين، وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد، شريطة ألا يقوموا بأعمال تخالف وضعهم كمدنيين وفي دراسة للجنة الدولية للصليب الأحمر عن القواعد العرفية للقانون الدولي الإنسان جاءت المادة 34 من الفصل العاشر بمايلي :
“يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية بمناطق نزاع مسلح ما داموا لا يقومون بجهود مباشرة في الأعمال العدائية”
ونص القرار 1738 لمجلس الأمن الدولي على مايلي :
1- إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة.
2-مساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك.
3-اعتبار الصحفيين والمراسلين المستقلين مدنيين يجب احترامهم ومعاملتهم بهذه الصفة..
4-اعتبار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعيانا مدنية لا يجوز أن تكون هدفا لأي هجمات أو أعمال انتقامية.
وعند النظر إلى المواثيق الدولية نرى أنه لا قصور يشوب هذه الحماية أو نقص يعيبها، فهي شاملة حماية العاملين الإعلاميين في مناطق النزاع، بكافة تصنيفهم إن كانوا صحفين معتمدين مرافقين للقوات المسلحة، أو غير معتمدين ويقومون بتغطية الأحداث في مناطق نزاع ولكن ما يحدث من تزايد لاستهداف الصحفيين قد يرجح إلى أن هنالك عاملين أساسيين يسهمان بشكل كبير في تفاقم هذه الظاهرة وهما:
1-الإفلات من العقاب: أي أن استهداف الصحفيين/ات أثناء ممارسة عملهم في مناطق النزاع دون اعتبار للقوانين الدولية التي تكفل حمايتهم إنما هو محاولة للإفلات من عقوبات أخرى تنتج عن كشف الصحافة لانتهاكات ترتكبها الأطراف المتنازعة على الأرض، الأمر الذي يدفع هذه الأطراف إلى محاولة السيطرة على ما يتم تقديمه من جانب الصحفيين/ات من أخبار وصور وفيديوهات تشير إلي حدوث انتهاكات للقانون الدولي.
2-تخاذل المؤسسات الإعلامية: حيث لا تقوم هذه المؤسسات باتخاذ الإجراءات الاحترازية الواجبة عند تكليف أحد صحفييها بتغطية أحداث عنف أو صراع مسلح، من خلال التواصل مع الجهات المعنية في منطقة الصراع والتنسيق معها بشأن أوضاع مراسليها، بالإضافة إلي عدم بذل الجهد المناسب لتحرير صحفييها المحتجزين.
وبالتالي فإن المشكلة ليست مشكلة نص أكثر ماهي مشكلة في عملية الرقابة على تطبيق هذه النصوص التي يتم بموجبها تفادي الانتهاكات والمخالفة للقانون الدولي الإنساني والجزاء عليها وهو ما يتطلب توفير إرادة جماعية من الحكومات والناشطين والمنظمات الصحفية الوطنية والدولية للعمل سوياً من أجل ضمان الوصول بسقف التهديد والمخاطر التي يتعرض لها الصحفييون إلى الحد الأدنى لآن الصحافة هي السلطة الرابعة والصوت المسموع.
Leave A Comment