كتبت آلاء عامر في الحل:
مدام ولا أنسة؟ ماعلاقتك بوضعي الاجتماعي؟
يُرجّع الكاتب المصري “سامح مقار” في كتابه “أصل الألفاظ العامية من اللغة المصرية القديمة”، كلمة “ست” التي نستخدمها اليوم قبل اسم النساء كنوع من الاحترام والتقدير، إلى اللغة الهيروغليفية، موضحاً أنها مؤنث كلمة “سي” التي تعني الرجل، ولذلك لا يزال المصريون يقولون “سي السيد”، فكلمة “ست” تعني “امرأة”، ويقال أيضاً أن “ست” كانت تستخدم في سوريا القديمة لتقدير الآلهة الإناث، فالآلهة “عشتار” كان يُقال لها الـ”ست عشتار”، وأن “عشتار” كانت تحب تربية الحمام رمادي اللون الذي يطلق عليه السوريّون إلى اليوم اسم “الستيتية” كدلالة إلى أنه الحيوان المدلل لدى الـ”ست عشتار”.
اليوم تستخدم كلمة “ست” قبل اسم السيدة المتقدمة بالعمر، وكلمة “مدام” قبل اسم السيدة المتروجة، وكلمة “أنسة” قبل اسم المرأة العزباء، كدليل احترام، ولكن بالمقابل هل يوجد كلمات أو ألقاب تدل على الوضع الاجتماعي للرجل أم أن الألقاب العلمية والمهنية (دكتور، باحث، عضو، أستاذ…) تستخدم عند مخاطبة الرجال كون حالتهم الاجتماعية شأنهم الشخصي، في حين تُعتبر الحالة الاجتماعية للمرأة شأن عام وأهم في نظر البعض من أي منصب أو لقب علمي أو مهني تحصل عليه!
الباحثة الاجتماعية في قضايا المرأة والطفل “علياء الأحمد”، تقول لـ(الحل نت): «مسألة إغفال الألقاب العلمية للنساء ومخاطبتهن بألقاب تركز على وضعهن الاجتماعي- الأمر الذي لا ينطبق على الرجال- مسألة ليست مقتصرة على مجتمعاتنا العربيّة فقط، بل لعهد قريب كانت طريقة الخطاب هذه متبعة في المراسلات الرسميّة في دول مثل فرنسا وألمانيا».
وتتابع الباحثة الاجتماعية: «أرى أن هذه المخاطبة تتضمن تمييز قائم على الجنس ضد النساء، استخدام هذه الألقاب يُشير صراحةً أو تلميحاً إلى ماهية كونهن متزوجات أم لا، مطلقات أو أرامل.. إلخ، والغرض الرئيس هو التركيز على الأدوار الجندرية النمطية التي يخشى أصحاب العقليات الذكورية أن تخرج النساء عنها وينافسن الرجال بالمواقع التي يصر الرجال على هيمنتهم وتحكمهم فيها».
وتُشدّد الباحثة: أنه «يجب على النساء الإصرار على تقديم أنفسهن بالألقاب والطرق التي يجدنها تعبّر عنهن بطريقة غير منظمة».
الصحفية المهتمة بالشؤون النسوية “هدى أبونابوت”، تقول لـ(الحل نت): «المجتمع يستخدم الألقاب المهنية أو العلمية عند مخاطبة المرأة فقط كنوع من “البرستيج”، كما أن أغلب الرجال يجدون صعوبة في مجتمعاتنا بالتعامل مع النساء في أماكن العمل بدون حواجز، لذلك قد يلجأون إلى استخدام المناصب العلمية أو المهنية عند مخاطبة النساء، ولكن ذلك فقط عندما تكون العلاقة رسميّة، ففي لحظات الغضب أو المناقشات التي قد تدور في اجتماعات العمل أو عند وجود اختلاف في وجهات النظر، يلجأ أغلب الرجال إلى استخدام لقب “مدام أو أنسة” عندها تظهر النظرة الحقيقة التي ينظرونها إلى المرأة، وكأنها محاولة لتجريد المرأة من إنجازاتها العلمية أو المهنية وتذكيرها إلى أن المهم هو كونها متزوجة أم عزباء، مثل مكانتها في بيت زوجها أو أهلها، وليس لها مكان أو رأي في أماكن العمل».
جندرة اللغة العربيّة
تضيف الصحفية “أبونابوت”: «رغم وجود المذكر والمؤنث في اللغة العربيّة، إلا أننا نعاني من عدم جندرة اللغة، فاحتكار الرجال للمناصب القيادية لفترة طويلة جعل البعض يكتب هذه المناصب باسم الرجال، فصار يستخدم التذكير عند مناداة المرأة بأي لقب قيادي، مثل نائب أو وزير أو مدير، رغم أن كلمة نائبة أو مديرة أو وزيرة موجودة في اللغة العربيّة، لكن لا يوجد قبول اجتماعي في أن تشغل المرأة هذه المناصب».
وتتابع الصحفية:«حالياً، تسعى الناشطات النسويات إلى جندرة المناصب والألقاب المهنية والعلمية، فمن حق المرأة أن تخاطب كامرأة عندما تكون نائبة في برلمان أو عضوة في حزب على سبيل المثال، إلا أن ذلك يقابل من قبل البعض بالسخرية وبمحاولة تسخيف هذا الجهد على اعتبار أن المتعارف عليه هو استخدام اللقب المذكر للمرأة والرجل، ولا شك أن ذلك يعني تحييد واقصاء النساء».
Leave A Comment