كتبت لينا ديوب في سناك سوري:
أشهرٌ عدة مرّت على إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات، خطوة تدفعنا اليوم لإحياء ذكرى دماء السوريات اللواتي قضين دون معاقبة الجاني بسبب حماية هذه المادة له وتبرير جريمته.
نضال نسوي بدعم اجتماعي استمر لعشرات السنين أثمر إلغاء هذه المادة، ولابد أن يستمر ليمتد التغيير إلى البنية القانونية برمتها التي تحكم حياة الأسرة وليس المرأة فقط، فإلغاء هذه المادة لا يمنع استسهال الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في مجتمع ذكوري وقوانين قاصرة، فحتى اليوم لا يوجد نص قانوني يجرم العنف ضد النساء بصورة صريحة، وفي حالة ما تسمى جريمة الشرف لايزال الخطر قائم حسب حديث المحامية “نبال محمد” مع سناك سوري: «الآن إلغاء المادة مهدد بوجود المادة 192 والمادة 241 والمادة 242، فالمادة 548 تنص على شرطين الأول أن شاهد بالعين قريبته بصلات جنسية فحشاء، و الثاني عنصر المفاجأة وفي حال لم يتحققا يلجأ القاضي لتطبيق المادة 192 المتعلقة بالدافع الشريف والتي يتم على أساسها تخفيف العقوبة، أو المادة 241 و242 اذا ارتكب هذا الفعل بثورة غضب شديدة، أي أن بقاء هذه المواد هو خطر حقيقي على الهدف من إلغاء المادة».
تبدي “محمد” استغرابها من القانون وتقول :« إذا كان الهدف عدم تبرئة القاتل، فإن هذه المواد مع غيرها تتيح لليوم للمجرم الإفلات من العقاب وتخفيف عقوبته والتوصيف الجرمي ليحصل على عقوبة أقل أو يتبرأ، بالإضافة للضغوط الاجتماعية على الفتاة حتى تسحب شكواها».
كل انتهاك يجب أن يقابله نص قانوني
لا تقلل “محمد” من أهمية خطوة إلغاء المادة لكنها ترى أنها أتت متأخرة بعد أن استنفذت دماء الكثير من النساء والفتيات بكثير من المناطق السورية على امتداد السنوات السابقة بشكل خاص بالسويداء في الفترة التي سبقت إلغاء المادة، وأفلت المجرم فيها من العقاب، مضيفة أن جميع الجرائم المرتبطة بالعنف الجنسي النص فيها إما فيه خلل أو قصور، يلعب دور حامي كامل أو جزئي للكثير من أشكال الانتهاكات التي تقع بهذه الطريقة والتي لم ينص القانون عليها بأنها جريمة وبالتالي يفلت المجرم من العقاب، لأنه بالقانون لا جريمة ولا عقاب إلا بنص قانوني، وأي انتهاك لا يقابله نص بالقانون لا يمكن العقاب عليه.
نضال مضاعف لإلغاء التمييز
يرى الناشط المدني “شادي صعب” من منظمة “توليب لدعم المرأة والطفل” أن إلغاء المادة 548 التي ارتبطت في الذاكرة الدموية للسوريين/ات خلال العقود الست الماضية بحماية ذكور المجتمع الذين يرتكبون جرائم القتل العمد بحق النساء بذريعة غسل العار والثأر لشرف العائلة، خطوة إلى الأمام نحو تحقيق المساواة التامة في الحقوق بين الرجال والنساء، شرط أن تضاعف منظمات المجتمع المدني نضالها وأن يضاعف ناشطين وناشطات الحقوق المدنية والإنسانية جهودهم لإلغاء التمييز والعنف المكرس ضد النساء في القوانين والأعراف، والعمل على توفير الحماية القانونية للنساء والدفاع عنهن أمام القضاء، وتفعيل الدور الرقابي لمنظمات المجتمع المدني على الأحكام القضائية، ومتابعة السلوكيات المجتمعية والانتهاكات الذكورية في السياقات المحلية وكشف الجرائم والانتهاكات التي ترتكب ضد النساء وتسليط الضوء عليها وتعرية مرتكبيها أخلاقياً وقانونياً.
حملات مناصرة
يقول صعب لسناك سوري:« لابد من العمل على مزيد من حملات المناصرة لرفع الوعي المجتمعي بضرورة تجريم العنف المرتكب ضد النساء والفتيات، والضغط على المشرع السوري للدفع نحو سن قانون أسرة مدني يحمي النساء من كافة أشكال العنف ويضعهن على قدم المساواة والإنصاف مع الرجال».
المراهنة على القانون
إن العمل على منع إراقة المزيد من دماء السوريات حسب المحامية “نبال محمد” هو: « المراهنة فقط على القانون والعمل البحثي الحقيقي وعلى مراكز رصد رسمية لفهم ماهي الانتهاكات التي تحصل بسبب عدم إلغاء هذه المواد، وهذه الخطوات إذا حصلت يمكن العمل والمضي إلى الأمام».
Leave A Comment