اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو – CEDAW)، هي إحدى معاهدات الأمم المتحدة التي تركز على حقوق وقضايا المرأة في جميع أنحاء العالم.
وتعد هذه الاتفاقية بمثابة قانون دولي يحفظ للمرأة حقوقها، كما أنها برنامج عمل يضع أسسًا للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
واعتمدت الأمم المتحدة هذه الاتفاقية في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979، وصادقت عليها معظم الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، سوى عدد قليل من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة لإيران والسودان والصومال.
ما هي اتفاقية سيداو؟
اتفاقية سيداو وباعتبارها خطة عمل للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، تتطلب من الدول المصدقة عليها، أن تمتثل بشكل كامل لبنود الاتفاقية، وأن تعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين وضع المرأة، ووضع حد للعنف ضدها.
وعلى كل دولة عضو في الاتفاقية، أن تقدم كل أربع سنوات تقرير عن التزامها بتحقيق الاتفاقية، إلى اللجنة المعنية في الأمم المتحدة. وبدوره يستعرض فريق من 23 من أعضاء مجلس إدارة سيداو هذه التقارير، ويعطي ملاحظاته، وتوصياته لما يحتاج للمزيد من الإجراءات في سبيل تحقيق بنود الاتفاقية.
وتركز اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، على ثلاثة محاور أساسية:
الحقوق المدنية:
تشمل حقوق التصويت، وتولي المناصب العامة، وممارسة الوظائف العامة، وحقوق عدم التمييز في التعليم والعمالة والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، والمساواة بين الرجل والمرأة في الشؤون المدنية والتجارية، وكذلك فيما يتعلق باختيار الزوج، وفي الأبوة، والحقوق الشخصية، والسيطرة على الممتلكات.
الحقوق الإنجابية:
وتشمل الأحكام الخاصة بالمسؤولية الكاملة عن تربية الأطفال من قبل الجنسين. وحقوق حماية الأمومة ورعاية الأطفال، بما في ذلك مرافق رعاية الطفل المكلف بها، وإجازة الأمومة، والحق في الاختيار الانجابي وتنظيم الأسرة.
العلاقات بين الجنسين:
وتطلب الاتفاقية من الدول المصدقة عليها، تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية، للقضاء على التحيزات الجنسانية، بما في ذلك مراجعة الكتب والبرامج المدرسية وطرق التدريس لإزالة القوالب النمطية عن الجنسين في النظام التعليمي.
إضافة لمعالجة أنماط السلوك والفكر التي تحدد العالم كدولة للرجل، والمنزل كدولة للمرأة، ما يؤكد أن كلا الجنسين لهما مسؤوليات متساوية في الحياة الأسرية وحقوق متساوية فيما يتعلق بالتعليم والعمل.
لماذا لم تصادق الولايات المتحدة على اتفاقية سيداو؟
كانت الولايات المتحدة، متمثلة في إدارة الرئيس جيمي كارتر، من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية سيداو عندما اعتمدتها الأمم المتحدة في 1979. غير أن توقيع كارتر لم يكن لينفذ دون مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي لم يُصدق للآن على الاتفاقية.
وناقشت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، المكلفة بالتصديق على المعاهدات والاتفاقات الدولية، اتفاقية سيداو، لخمس مرات منذ عام 1980. وفي عام 1994،عقدت لجنة العلاقات الخارجية جلسات استماع بشأن الاتفاقية، ثم أوصت بالتصديق عليها، غير أن عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الشمالية، جيسي هيلمز، وهو من المحافظين البارزين والمعارضين للاتفاقية، استخدم أقدميته في المجلس، لمنع هذا الإجراء من الذهاب إلى مجلس الشيوخ. كما فشلت المناقشات المماثلة خلال الفترة ما بين عامي 2002 و2010، في إقرار المعاهدة.
أما في عام 2000، قال جيسي هليمز إنه “لا ينبغي استخدام الحق في الإجهاض كوسيلة لتنظيم الأسرة”، في إشارة لما تنص عليه بنود اتفاقية سيداو، واصفًا إياها بـ”الاتفاقية السيئة والمعادية للأسرة”، مضيفًا: “إنهم يريدون عدم تجريم الدعارة، ويريدون إلغاء يوم الأم العالمي باعتباره عيد نمطي. لن نكون جزءًا من هذه المعاهدة”، وذلك على الرغم من أن البنود الصريحة للاتفاقية لا تنص على أيٍّ مما ذكره هيلمز!
على مدار سنوات طويلة أثارت الاتفاقية انقسامات بين الليبراليين والمحافظين في الولايات المتحدة. وعادة ما تستند الاعتراضات المحافظة على بروباغندا تعتمد على التهويل، وليّ الحقائق كما الحال في خطاب هيلمز المذكور،
بينما يستند المحافظون في خطابات الاعتراض على الاتفاقية، بوصفها اتفاقية تتعارض مع القانون الدستوري للبلاد. وبالفعل قد تستدعي التصديق على الاتفاقية، تمرير تعديلات دستورية لمواد ربما تحتاج إلى نقاشات اجتماعية.
ويُذكر أنه في عام 2002، قال الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، إن اتفاقية سيداو “مرغوبة بشكل عام ويجب الموافقة عليها”. غير أن ضعوط اليمين المحافظ، أدى إلى تراجع بوش عن موقفه، فقبل فترة وجيزة من تصويت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لإقرار المعاهدة، بطلب بوش الابن، خرج وزير الخارجية آنذاك، كولن باول، ليصف الاتفاقية بـ”المعقدة والغامضة”، قبل أن يتراجع بوش عن إرسال المعاهدة لمجلس الشيوخ للتصديق عليها.
وعلى الرغم من الدعاية الأمريكية القوية، إلا أن واقع المرأة في الولايات المتحدة متردٍ بالنسبة للعديد من دول أوروبا على سبيل المثال. وتعاني المرأة في الولايات المتحدة من تمييز ضمني في مجالات العمل، وفي مجمل النظام الاقتصادي، وحتى الثقافي والفني.
Leave A Comment